قراءات نقديةالانتحال في الشعر الجاهليالمقدمة: الشك في الأدب القديم. الذي أنشأته الأمم في جاهليتها وبداوتها.
ظاهرة لا تقتصر على الشعر العربي وحده. ولكنها عامة تكاد تشمل الأدب القديم عند جميع الأمم التي كان لها أدب معروف ومدروس ولعل خير ما نمهد به بين يدي بحثا هذا عن. النحل والوضع في الشعر العربي الجاهلي.مفهوم الانتحال (لغة واصطلاحا)أولا: الانتحال (لغة)ورد مصطلح الانتحال في القاموس. اللغوي (1): انتحله وتنحله: أي ادعاه لنفسه وهو لغيره.
ونحله القول كمنعه: أي نسبه إليه .فأصل هذه الكلمة يدل على أن الانتحال: ادعاء الشيء للنفس وهو في الواقع للغير والنحل:. ولم يبين صاحب القاموس هل النسبة إلى الغير مطلقا تكون نحلا أم لا يطلق عليها نحل إلا نسبت إلى الغير وهي ليست له .لكن الذي. رأيناه في استعمال العرب وفي إطلاقهم هنا اللفظ سواء كان مجردا أو مزيدا أنه لا يطلق إلا حيث يراد الإنحراف بالنسبة وإضافة.
فيقال انتحل الشعر: أي ادعاه لنفسه وهو غير له ونحل هذا الشعر فلانا: أي ألصقه به وهو غير صاحبه .و لم يكن الوضع والانتحال. موجودا عند العرب في الجاهلية.
وقصارى ما كان يقع بينهم أن يدعي بعضهم لنفسه شعرا ليس له وهو الذي يسمى بـ (الاجتلاب). قال الراجز: (2)يا أيها الزاعم أني أجتلب وأنني غير عضاهي أنتجبفمعناه أنني أجتلب الشعر من غيري. فكأني إنما آخذ القشر لأدبغ به من عضاه غير عضاهي. والانتجاب: بفتح الجيم هو لحاؤه .ثانيا: الانتحال (اصطلاحا)يـقصد بالانتحال (3) أن ينسب شاعر أو راو ما شعرا مزيفا إلى شاعر.
آخر قديم ليس هذا الشعر له. وقد درس القدماء أمثال محمد بن سلام الجمحي قضية الانتحال في الشعر الجاهلي.
وذكروا بعضا من مشاهير الرواة المنتحلين مثل خلف الأحمر وحماد الراوية وغيرهم .قضية الانتحال عند القدماءلم يكن من سبب في.
جاهلية العرب يبعثهم على وضع الشعر غير قائله وإرساله في الرواية على هذا الوجه. لن شعرائهم متوافرون ولأنهم لا يطلبون بالشعر إلا المحامد والمعاير. وقصارى ما يكون من ذلك أن يتزيد شاعرهم ويكذب فيه وعلى أن ذلك لا يكون إلا في الأخبار التي تكون في التاريخ لأن الشاعر موضع.
ثقة وهو مصدر رواية في العرب فإن أرسل القول أرسل معه التاريخ فيجريان معا .و هذا التزيد هو الذي يسميه الرواة أكاذيب. أما أن يكون في عرب الجاهلية من يصنع الشعر وينحله غيره فذلك ما لا نظنه ولما جاء الإسلام واندفع به العرب إلى الفتوح. واشتغلوا عن الشعر بالجهاد والغزو جينا من الزمن.
فلما راجعوا روايته بعد ذلك وقد أخذ منهم السيف وذهب كثيرا من الشعر وتاريخ الوقائع بذهاب روايته صنعت القبائل الأشعار .و. نرى أن الرواة بعضهم كان ثقة وأمينا يطمئن الناس إلى روايته ويثقون في صدقه وأمانته وبعضهم كما قالوا: كان جريئا كذوبا. متحللا لا يقف دون زيفه ونحله حاجز.
كُتب : [ 09-13-2023 -. 12:10 PM ]قضية الانتحال في الشعر الجاهليبين القدامى والمحدثينطارق عتريس أبو حطبفإن ظاهرة الانتحال من أهم الظواهر التي أخذت حيزا لا بأس به على خريطة النقد الأدبي ،قديمه ،وحديثه،ولو حاولنا بداية أن نضع إطارا تعريفا واضحا ؛ يحدد ملامح تلك الظاهرة ،لقلنا إن الانتحال له تعريفان لغوي.
واصطلاحي ».أولًا: الانتحال في اللغة:ورد مصطلح الانتحال في القاموس اللغوي(1): انتحله وتنحله: أي ادعاه لنفسه وهو لغيره. ونحله القول كمنعه: أي نسبه إليه .فأصل هذه الكلمة يدل على أن الانتحال: ادعاء الشيء للنفس وهو في الواقع للغير والنحل:. ولم يبين صاحب القاموس هل النسبة إلى الغير مطلقا تكون نحلا أم لا يطلق عليها نحل إلا نسبت إلى الغير وهي ليست له.لكننا نرى.
في استعمال العرب وفي إطلاقهم هنا اللفظ سواء كان مجردا أو مزيدا أنه لا يطلق إلا حيث يراد الإنحراف بالنسبة وإضافة شيء لغير. فيقال انتحل الشعر: أي ادعاه لنفسه وهو غير له ونحل هذا الشعر فلانا: أي ألصقه به وهو غير صاحبه .و لم يكن الوضع والانتحال. موجودا عند العرب في الجاهلية.
وقصارى ما كان يقع بينهم أن يدعي بعضهم لنفسه شعرا ليس له وهو الذي يسمى بـ (الاجتلاب)،على حد قول الراجز :يا أيها الزاعم.
أني أجتلبوأنني غير عضاهي أنتجبفمعناه أنني أجتلب الشعر من غيري. فكأني إنما آخذ القشر لأدبغ به من عضاه غير عضاهيوالانتجاب: بفتح الجيم هو لحاؤه, أو هو »لدِّعاء ما للآخرين من صَنيع. سَرِقة أَدبيَّة أَو فَنِّيَّة ».أو هو كما ورد في شمس العلوم الحميري المتوفى سنة ٥٧٣هجرية ،١١٧٧م ؛حيث عرف الانتحال: ».
الوزن: الِافْتِعَال.ويقال :- انتحل الرجلُ شعرَ غيره: إِذا ادعاه لنفسه قال الأعشى:فكيف أنا وانتحالي القوافيبعد المشيب. كفى ذاك عاراو هذا ما يسمى بانتحال النص ،وما نحن بصدد دراسته ،والحديث عنه.الانتحال اصطلاحا:-يـقصد بالانتحال » أن ينسب شاعر. أو راو ما شعرا مزيفا إلى شاعر آخر قديم ليس هذا الشعر له.
وقد درس القدماء أمثال محمد بن سلام الجمحي قضية الانتحال في الشعر الجاهلي. وذكروا بعضا من مشاهير الرواة المنتحلين مثل خلف الأحمر وحماد الراوية وغيرهم » .لم يكن من سبب في جاهلية العرب يبعثهم على. وضع الشعر غير قائله وإرساله في الرواية على هذا الوجه.
لن شعرائهم متوافرون ولأنهم لا يطلبون بالشعر إلا المحامد والمعاير.وقصارى ما يكون من ذلك أن يتزيد شاعرهم ويكذب فيه وعلى. أن ذلك لا يكون إلا في الأخبار التي تكون في التاريخ لأن الشاعر موضع ثقة وهو مصدر رواية في العرب فإن أرسل القول أرسل معه. التاريخ فيجريان معا .و هذا التزيد هو الذي يسميه الرواة أكاذيب الشعراء.
أما أن يكون في عرب الجاهلية من يصنع الشعر وينحله غيره فذلك ما لا نظنه ولما جاء الإسلام واندفع به العرب إلى الفتوح. واشتغلوا عن الشعر بالجهاد والغزو جينا من الزمن.
فلما راجعوا روايته بعد ذلك وقد أخذ منهم السيف وذهب كثير من الشعر وتاريخ الوقائع بذهاب روايته صنعت القبائل الأشعار .و. نرى أن الرواة بعضهم كان ثقة وأمينا يطمئن الناس إلى روايته ويثقون في صدقه وأمانته وبعضهم كما قالوا: كان جريئا كذوبا. متحللا لا يقف دون زيفه ونحله حاجز.وقدأشار القدماء إلى قضية الانتحال مرارًا وتكرارًا.
وحاولوا جاهدين أن ينفوا عنه الزيف وما وضعه الوُضَّاع متخذين إلى ذلك مقاييس كثيرة.
وبلغ من حرصهم في هذا الباب أن أهمل ثقاتهم كل ما رُوي عن المتهمين أمثال حماد الراوية. وخلف الأحمر.وكان المفضل الضبي لهم بالمرصاد ،ومن بعده الأصمعي ،وتتابع الرواة الأثبات بعدهما يحققون ويمحصون في.
التراث.والانتحال عموماً هو ظاهرة أدبية عامة لا تقتصر على أمة دون غيرها من الأمم ولا على جيل معينٍ من الأجيال. هذا وقد عرفها العرب كما عرفتها الأمم القديمة التي كان لها ناتج أدبي وعرفها العصر الجاهلي كما عرفها العصران الأموي. والعباسي ،فالانتحال قضية من القضايا الكبرى في الشعر الجاهلي. ويـُقصد بالانتحال أن ينسب شاعر أو راوٍ ما شعراً مزيفاً إلى شاعر آخر جاهلي ليس هذا الشعر له في شيء.
وقد درس القدماء أمثال محمد بن سلام الجمحي قضية الانتحال في الشعر الجاهلي. وذكروا بعضاً من مشاهير الرواة المنتحلين -. كما أسلفت لك -.
وقد كان الشعر الجاهلي يُـتداول شفاهة قبل التوسع في استخدام الكتابة والتدوين مما يعني إمكانية حدوث التحريف عن طريق النسيان أو غيره ما دام التوثيق غير مكتوب في أصله ؛ حيث تناول الكثير من النقاد تلك القضية : قضية الانتحال بحثا ،ودرسا. وتأصيلا وتفصيلا.ومن أهمهم في هذا الجانب ابن سلام الجمحي ؛ فقد دون في كتابه « طبقات فحول الشعراء » كثيرًا من ملاحظات أهل.
العلم والدراية في رواية الشعر القديم من أساتذة المدرسة البصرية التي ينتسب إليها. وأضاف إلى ذلك كثيرًا من ملاحظاته الشخصية.وهذا الكتاب في الحقيقة هو أول كتاب أثار في إسهاب مشكلة الانتحال في الشعر. وقد ردها إلى عاملين: عامل القبائل التي كانت تتزيد في شعرها لتتزيد في مناقبها.
وعامل الرواة الوضاعين يقول في كتابه: « لما راجعت العرب رواية الشعر وذكر أيامها ومآثرها استقل بعض العشائر شعر شعرائهم وما. ذهب من ذكر وقائعهم. وكان قوم قلت وقائعهم وأشعارهم وأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأشعار؛ فقالوا على ألسن شعرائهم.
ثم كانت الرواة بعد فزادوا في الأشعار ».ثم تحدث في فقه وعمق عن الشعر وأبان أنه فن يحتاج الى ذكاء وفطنة ودقة وحكمة.
فقال: وللشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم والصناعات ».قال ابن سلام: يروي عن الشعبي بن خراش أن عمر بن. الخطاب قال: أي شعرائكم الذي يقول:فألفيت الأمانة لم تخنهاكذلك كان نوح لا يخونوهذا غلط على الشعبي أو من الشعبي أو ابن خراش. أجمع أهل العلم على أن النابغة الذبياني لم يقل هذا.نظر ابن سلام في الشعر الجاهلي وما أن تكون الرواية قد جرت عليه من.
العلل الموهنة والعوارض المشككة. وكان يرى أنه قد أسقط منه الكثير ضياعا أو اهمالا وزيد عليه وضعا وانتحالا.
فهو لم يسلم من آفات النفس الإنسانية التي قد يستبد بها الإهمال أو يساورها العبث وقلت الإكتراث.و مما يدل على ذهاب الشعر. وسفوطه قلة ما بأيدي الرواة المصححين.
وأما الزيادة عند ابن سلام فإنه يتحدث فيها ويبينها في مواضع متفرقة من كتابه ويعزوها إلى عدة عوامل منها:١- الشعر الذي. أدخل على العلماء غفلة منهم.٢- اختلاط الأمر على بعض الرواة.٣- محاولة بعض العشائر أن يستكثروا من الأشعار.
ويتزيدوا في الوقائع والأخبار.٤ – كذب الرواة رغبة في الكسب واقتناء المال.وقد لفتت هذه القضية. قضيّة انتحال الشعر الجاهلي أنظار الباحثين المحدثين من العرب والمستشرقين. من أمثال نولدكه و بروكلمان ومرجليوث.وبدأ النظر فيها من المستشرقين نولدكه سنة 1864م.
وتلاه ألوّرْدْ حين نشر دواوين الشعراء الستة الجاهليين:امرئ القيس والنابغة وزهير وطرفة وعلقمة وعنترة. فتشكك في صحّة الشعر الجاهلي عامة.
منتهياً إلى أنّ عدداً قليلاً من قصائد هؤلاء الشعراء يمكن التسليم بصحته. مع ملاحظة أنّ شكّاً لا يزال يلازم هذه القصائد الصحيحة في ترتيب أبياتها وألفاظ كلّ منها.إلا أننا للإنصاف نذكرأنّ.
« مرجليوث » يعدّ أكبر من أثاروا هذه القضية في كتاباته؛ إذْ كتب فيها مقالاً مفصلاً نشره في مجلة الجمعية الملكية الآسيوية. بعدد يولية سنة 1925م.
جعل عنوانه : (أصول الشعر العربي : The Origins of Arabic Poetry).من أبرز ما أثار مرجليوث في مقاله المذكور من زعم قوله. : »لو أنّ هذا الشعر صحيح لمثّل لنا لهجات القبائل المتعدّدة في الجاهلية كما مثل لنا الاختلافات بين لغة القبائل الشمالية.
العدنانية واللغة الحميرية في الجنوب ».ولقد ردّ عليه الدكتور شوقي ضيف مدحضا زعمه. قائلاً: »إنّ لغة القرآن الفصحى كانت سائدةً في الجاهلية وأنّ الشعراء منذ فاتحة هذا العصر كانوا ينظمون بها وأنها كانت لهجة.
وسادت بأسباب دينية واقتصادية وسياسية ؛ فكان الشعراء ينظمون بها متخلين عن لهجاتهم المحلية على نحو ما يصنع شعراء العرب في. عصرنا على اختلاف لهجات بلدانهم وأقاليمهم ».هذا ؛ ومن بين مزاعم مرجليوث في هذا الموضوع: أنّ النقوش المكتشفة للممالك. الجاهلية المتحضرة وخاصة اليمنية لا تدل على وجود أيّ نشاط شعري فيها.
فكيف أتيح لبدو غير متحضرين أنْ ينظموا هذا الشعر بينما لم ينظمه من تحضروا من أهل هذه الممالك؟ودحض بروينلش هذا الدليل ؛. لأنّ « نظم الشعر لا يرتبط بالحضارة ولا بالثقافة والظروف الاجتماعية.
وهناك فطريون أو بدائيون لهم شعر كثير مثل الإسكيمو ».وإذا تركنا المستشرقين إلى العرب المحدثين والمعاصرين وجدنا أديب. العربية مصطفى صادق الرافعي يعرض هذه القضية : قضية الانتحال في الشعر الجاهلي عرضاً مفصّلاً في كتابه : « تاريخ آداب العرب ». الذي نشره في سنة 1911م.
ولكنه لا يتجاوز في عرضه -. غالباً سرد ما لاحظه القدماء .وخلف مصطفى صادق الرافعي الدكتور طه حسين فدرس القضيّة دراسة مستفيضة في كتابه : « الشعر الجاهلي » الذي أحدث به رجّة عنيفة أثارت كثيرين من المحافظين والباحثين فتصدوا للردّ عليه. ولم يلبث أنْ ألّف مصنفه: « في الأدب الجاهلي » الذي نشره في سنة 1927م.
وفيه بسط القول في القضية بسطاً أكثر سعة وتفصيلاً .ونتيجة بحثه في هذا الكتاب يلخصها بقوله: »إنّ الكثرة المطلقة ممّا نسميه. أدباً جاهليّاً ليست من الجاهلية في شيء.
فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثّل حياة الجاهليين .وأكاد أشك في أنّ ما بقي من الأدب الجاهلي. لا يمثل شيئاً ولا يدل على شيء. ولا ينبغي الاعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلي ».ومضى طه حسين يبسط الأسباب التي تدفع. الباحث إلى الشك في الأدب الجاهلي واتهامه.
وردّها إلى أنّه لا يصور حياة الجاهليين الدينيّة والعقلية والسياسيّة والاقتصادية. كما أنه لا يصوّر لغتهم وما كان فيها من اختلاف اللهجات. وتباينها بلهجاتها من اللغة الحميرية.ويقول الدكتور شوقي ضيف معقبًا: « والحق أنّ الشعر الجاهلي فيه موضوع كثير. غير أنّ ذلك لم يكن غائباً عن القدماء.
تناولوا به رواته من جهة. وصيغه وألفاظه من جهة ثانية.
أو بعبارة أخرى عرضوه على نقد داخلي وخارجي دقيق.ومعنى ذلك أنهم أحاطوه بسياج محكم من التحري والتثبت. فكان ينبغي أن لا يبالغ المحدثون من أمثال مرجليوث وطه حسين في الشك فيه مبالغة تنتهي إلى رفضه. إنّما نشك حقّاً فيما يشك فيه القدماء ونرفضه.
أما ما وثقوه ورواه أثباتهم من مثل أبي عمرو بن العلاء والمفضل الضبّي والأصمعي وأبي زيد فحريٌّ أنْ نقبله ما داموا قد. ومع ذلك ينبغي أنْ نخضعه للامتحان وأنْ نرفض بعض ما رووه على أسس علميّة منهجية لا لمجرّد الظن.
كأنْ يُرْوَى لشاعر شعرٌ لا يتصل بظروفه التاريخية. أو تجري فيه أسماء مواضع بعيدة عن موطن قبيلته.
أو يضاف إليه شعر إسلامي النزعة. ونحو ذلك مما يجعلنا نلمس الوضع لمسًا ».وبنظرة الباحث المدقق فإننا: لو قارنّا بين ما أثاره طه حسين وبعض المستشرقين أمثال. مرجليوث ونولدكه ؛ لوجدنا أنّ هناك تقارباً بل اتفاقاً ملحوظاً ؛ وهذا مما يؤكّد لنا أنّ كلام طه حسين هو كلام هؤلاء. المستشرقين إنْ لم يكن قد تشبع به بفضل دراسته على أيديهم وتتلمذه على كتبهم وأبحاثهم فضلاً عن ترجمته لكلامهم ونقله إلينا.
بلسانه العربيّ المبين؟!وترجع خطورة الأمر: أنّ هؤلاء المستشرقين وأذنابهم حين أثاروا هذه القضيّة كانوا يرمون إلى مرمى خبيث. ؛ حيث عرفوا مكانة الشعر الجاهلي. وأدركوا أنّ علماء المسلمين منذ الصدر الأول للإسلام قد شعروا بحاجتهم إلى الشعر العربيّ ؛ للاستعانة به في فتح مغاليق.
الألفاظ والأساليب الغريبة الموجودة في القرآن الكريم. والأحاديث النبوية الشريفة ؛ فأكبوا عليه يروونه ويحفظونه ويدرسون أساليبه ومعانيه وما يدور فيه من ذكر لأيام العرب.
ووقائعهم.ولولا هذا الباعث الديني ؛ لاندثر الشعر الجاهلي. ولم يصل إلينا منه شيء.وهذه الحقيقة يقررهاأبو حاتم الرازي ؛ فيقول: « ولولا ما بالناس من حاجة إلى معرفة لغة العرب. والاستعانة بالشعر على العلم بغريب القرآن. وأحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
والصحابة والتابعين والأئمة الماضين ؛ لبطل الشعر. وانقرض ذكر الشعراء ولعضَّ الدهر على آثارهم.
ونسي الناس أيامهم » ومن أقوال ترجمان القرآن سيدنا عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما – : « إذا سألتموني عن غريب القرآن. فالتمسوه في الشعر ؛ فإن الشعر ديوان العرب ».من كل ماسبق ؛ أدرك المستشرقون هذه الحقيقة ؛ فعملوا على رفضه ؛ حتى يغلقوا. علينا باباً من أهم الأبواب لفهم القرآن العظيم.
كُتب : [ 09-13-2023 -. 12:10 PM ]قضية الانتحال في الشعر الجاهليبين القدامى والمحدثينطارق عتريس أبو حطبفإن ظاهرة الانتحال من أهم الظواهر التي أخذت حيزا لا بأس به على خريطة النقد الأدبي ،قديمه ،وحديثه،ولو حاولنا بداية أن نضع إطارا تعريفا واضحا ؛ يحدد ملامح تلك الظاهرة ،لقلنا إن الانتحال له تعريفان لغوي.
واصطلاحي ».أولًا: الانتحال في اللغة:ورد مصطلح الانتحال في القاموس اللغوي(1): انتحله وتنحله: أي ادعاه لنفسه وهو لغيره. ونحله القول كمنعه: أي نسبه إليه .فأصل هذه الكلمة يدل على أن الانتحال: ادعاء الشيء للنفس وهو في الواقع للغير والنحل:. ولم يبين صاحب القاموس هل النسبة إلى الغير مطلقا تكون نحلا أم لا يطلق عليها نحل إلا نسبت إلى الغير وهي ليست له.لكننا نرى.
في استعمال العرب وفي إطلاقهم هنا اللفظ سواء كان مجردا أو مزيدا أنه لا يطلق إلا حيث يراد الإنحراف بالنسبة وإضافة شيء لغير. فيقال انتحل الشعر: أي ادعاه لنفسه وهو غير له ونحل هذا الشعر فلانا: أي ألصقه به وهو غير صاحبه .و لم يكن الوضع والانتحال.
موجودا عند العرب في الجاهلية. وقصارى ما كان يقع بينهم أن يدعي بعضهم لنفسه شعرا ليس له وهو الذي يسمى بـ (الاجتلاب)،على حد قول الراجز :يا أيها الزاعم.
أني أجتلبوأنني غير عضاهي أنتجبفمعناه أنني أجتلب الشعر من غيري. فكأني إنما آخذ القشر لأدبغ به من عضاه غير عضاهيوالانتجاب: بفتح الجيم هو لحاؤه, أو هو »لدِّعاء ما للآخرين من صَنيع.
سَرِقة أَدبيَّة أَو فَنِّيَّة ».أو هو كما ورد في شمس العلوم الحميري المتوفى سنة ٥٧٣هجرية ،١١٧٧م ؛حيث عرف الانتحال: ». الوزن: الِافْتِعَال.ويقال :- انتحل الرجلُ شعرَ غيره: إِذا ادعاه لنفسه قال الأعشى:فكيف أنا وانتحالي القوافيبعد المشيب.
كفى ذاك عاراو هذا ما يسمى بانتحال النص ،وما نحن بصدد دراسته ،والحديث عنه.الانتحال اصطلاحا:-يـقصد بالانتحال » أن ينسب شاعر. أو راو ما شعرا مزيفا إلى شاعر آخر قديم ليس هذا الشعر له. وقد درس القدماء أمثال محمد بن سلام الجمحي قضية الانتحال في الشعر الجاهلي. وذكروا بعضا من مشاهير الرواة المنتحلين مثل خلف الأحمر وحماد الراوية وغيرهم » .لم يكن من سبب في جاهلية العرب يبعثهم على.
وضع الشعر غير قائله وإرساله في الرواية على هذا الوجه.
لن شعرائهم متوافرون ولأنهم لا يطلبون بالشعر إلا المحامد والمعاير.وقصارى ما يكون من ذلك أن يتزيد شاعرهم ويكذب فيه وعلى. أن ذلك لا يكون إلا في الأخبار التي تكون في التاريخ لأن الشاعر موضع ثقة وهو مصدر رواية في العرب فإن أرسل القول أرسل معه. التاريخ فيجريان معا .و هذا التزيد هو الذي يسميه الرواة أكاذيب الشعراء.
أما أن يكون في عرب الجاهلية من يصنع الشعر وينحله غيره فذلك ما لا نظنه ولما جاء الإسلام واندفع به العرب إلى الفتوح. واشتغلوا عن الشعر بالجهاد والغزو جينا من الزمن. فلما راجعوا روايته بعد ذلك وقد أخذ منهم السيف وذهب كثير من الشعر وتاريخ الوقائع بذهاب روايته صنعت القبائل الأشعار .و.
نرى أن الرواة بعضهم كان ثقة وأمينا يطمئن الناس إلى روايته ويثقون في صدقه وأمانته وبعضهم كما قالوا: كان جريئا كذوبا. متحللا لا يقف دون زيفه ونحله حاجز.وقدأشار القدماء إلى قضية الانتحال مرارًا وتكرارًا.
وحاولوا جاهدين أن ينفوا عنه الزيف وما وضعه الوُضَّاع متخذين إلى ذلك مقاييس كثيرة.
وبلغ من حرصهم في هذا الباب أن أهمل ثقاتهم كل ما رُوي عن المتهمين أمثال حماد الراوية. وخلف الأحمر.وكان المفضل الضبي لهم بالمرصاد ،ومن بعده الأصمعي ،وتتابع الرواة الأثبات بعدهما يحققون ويمحصون في.
التراث.والانتحال عموماً هو ظاهرة أدبية عامة لا تقتصر على أمة دون غيرها من الأمم ولا على جيل معينٍ من الأجيال. هذا وقد عرفها العرب كما عرفتها الأمم القديمة التي كان لها ناتج أدبي وعرفها العصر الجاهلي كما عرفها العصران الأموي.
والعباسي ،فالانتحال قضية من القضايا الكبرى في الشعر الجاهلي. ويـُقصد بالانتحال أن ينسب شاعر أو راوٍ ما شعراً مزيفاً إلى شاعر آخر جاهلي ليس هذا الشعر له في شيء.
وقد درس القدماء أمثال محمد بن سلام الجمحي قضية الانتحال في الشعر الجاهلي. وذكروا بعضاً من مشاهير الرواة المنتحلين -. كما أسلفت لك -.
وقد كان الشعر الجاهلي يُـتداول شفاهة قبل التوسع في استخدام الكتابة والتدوين مما يعني إمكانية حدوث التحريف عن طريق النسيان أو غيره ما دام التوثيق غير مكتوب في أصله ؛ حيث تناول الكثير من النقاد تلك القضية : قضية الانتحال بحثا ،ودرسا. وتأصيلا وتفصيلا.ومن أهمهم في هذا الجانب ابن سلام الجمحي ؛ فقد دون في كتابه « طبقات فحول الشعراء » كثيرًا من ملاحظات أهل.
العلم والدراية في رواية الشعر القديم من أساتذة المدرسة البصرية التي ينتسب إليها. وأضاف إلى ذلك كثيرًا من ملاحظاته الشخصية.وهذا الكتاب في الحقيقة هو أول كتاب أثار في إسهاب مشكلة الانتحال في الشعر. وقد ردها إلى عاملين: عامل القبائل التي كانت تتزيد في شعرها لتتزيد في مناقبها. وعامل الرواة الوضاعين يقول في كتابه: « لما راجعت العرب رواية الشعر وذكر أيامها ومآثرها استقل بعض العشائر شعر شعرائهم وما.
ذهب من ذكر وقائعهم. وكان قوم قلت وقائعهم وأشعارهم وأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأشعار؛ فقالوا على ألسن شعرائهم. ثم كانت الرواة بعد فزادوا في الأشعار ».ثم تحدث في فقه وعمق عن الشعر وأبان أنه فن يحتاج الى ذكاء وفطنة ودقة وحكمة.
فقال: وللشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم والصناعات ».قال ابن سلام: يروي عن الشعبي بن خراش أن عمر بن. الخطاب قال: أي شعرائكم الذي يقول:فألفيت الأمانة لم تخنهاكذلك كان نوح لا يخونوهذا غلط على الشعبي أو من الشعبي أو ابن خراش. أجمع أهل العلم على أن النابغة الذبياني لم يقل هذا.نظر ابن سلام في الشعر الجاهلي وما أن تكون الرواية قد جرت عليه من.
العلل الموهنة والعوارض المشككة. وكان يرى أنه قد أسقط منه الكثير ضياعا أو اهمالا وزيد عليه وضعا وانتحالا. فهو لم يسلم من آفات النفس الإنسانية التي قد يستبد بها الإهمال أو يساورها العبث وقلت الإكتراث.و مما يدل على ذهاب الشعر.
وسفوطه قلة ما بأيدي الرواة المصححين. وأما الزيادة عند ابن سلام فإنه يتحدث فيها ويبينها في مواضع متفرقة من كتابه ويعزوها إلى عدة عوامل منها:١- الشعر الذي.
أدخل على العلماء غفلة منهم.٢- اختلاط الأمر على بعض الرواة.٣- محاولة بعض العشائر أن يستكثروا من الأشعار.
ويتزيدوا في الوقائع والأخبار.٤ – كذب الرواة رغبة في الكسب واقتناء المال.وقد لفتت هذه القضية. قضيّة انتحال الشعر الجاهلي أنظار الباحثين المحدثين من العرب والمستشرقين. من أمثال نولدكه و بروكلمان ومرجليوث.وبدأ النظر فيها من المستشرقين نولدكه سنة 1864م.
وتلاه ألوّرْدْ حين نشر دواوين الشعراء الستة الجاهليين:امرئ القيس والنابغة وزهير وطرفة وعلقمة وعنترة. فتشكك في صحّة الشعر الجاهلي عامة. منتهياً إلى أنّ عدداً قليلاً من قصائد هؤلاء الشعراء يمكن التسليم بصحته.
مع ملاحظة أنّ شكّاً لا يزال يلازم هذه القصائد الصحيحة في ترتيب أبياتها وألفاظ كلّ منها.إلا أننا للإنصاف نذكرأنّ. « مرجليوث » يعدّ أكبر من أثاروا هذه القضية في كتاباته؛ إذْ كتب فيها مقالاً مفصلاً نشره في مجلة الجمعية الملكية الآسيوية. بعدد يولية سنة 1925م.
جعل عنوانه : (أصول الشعر العربي : The Origins of Arabic Poetry).من أبرز ما أثار مرجليوث في مقاله المذكور من زعم قوله. : »لو أنّ هذا الشعر صحيح لمثّل لنا لهجات القبائل المتعدّدة في الجاهلية كما مثل لنا الاختلافات بين لغة القبائل الشمالية. العدنانية واللغة الحميرية في الجنوب ».ولقد ردّ عليه الدكتور شوقي ضيف مدحضا زعمه.
قائلاً: »إنّ لغة القرآن الفصحى كانت سائدةً في الجاهلية وأنّ الشعراء منذ فاتحة هذا العصر كانوا ينظمون بها وأنها كانت لهجة. وسادت بأسباب دينية واقتصادية وسياسية ؛ فكان الشعراء ينظمون بها متخلين عن لهجاتهم المحلية على نحو ما يصنع شعراء العرب في. عصرنا على اختلاف لهجات بلدانهم وأقاليمهم ».هذا ؛ ومن بين مزاعم مرجليوث في هذا الموضوع: أنّ النقوش المكتشفة للممالك.
الجاهلية المتحضرة وخاصة اليمنية لا تدل على وجود أيّ نشاط شعري فيها. فكيف أتيح لبدو غير متحضرين أنْ ينظموا هذا الشعر بينما لم ينظمه من تحضروا من أهل هذه الممالك؟ودحض بروينلش هذا الدليل ؛. لأنّ « نظم الشعر لا يرتبط بالحضارة ولا بالثقافة والظروف الاجتماعية.
وهناك فطريون أو بدائيون لهم شعر كثير مثل الإسكيمو ».وإذا تركنا المستشرقين إلى العرب المحدثين والمعاصرين وجدنا أديب. العربية مصطفى صادق الرافعي يعرض هذه القضية : قضية الانتحال في الشعر الجاهلي عرضاً مفصّلاً في كتابه : « تاريخ آداب العرب ». الذي نشره في سنة 1911م. ولكنه لا يتجاوز في عرضه -.
غالباً سرد ما لاحظه القدماء .وخلف مصطفى صادق الرافعي الدكتور طه حسين فدرس القضيّة دراسة مستفيضة في كتابه : « الشعر الجاهلي » الذي أحدث به رجّة عنيفة أثارت كثيرين من المحافظين والباحثين فتصدوا للردّ عليه. ولم يلبث أنْ ألّف مصنفه: « في الأدب الجاهلي » الذي نشره في سنة 1927م. وفيه بسط القول في القضية بسطاً أكثر سعة وتفصيلاً .ونتيجة بحثه في هذا الكتاب يلخصها بقوله: »إنّ الكثرة المطلقة ممّا نسميه.
أدباً جاهليّاً ليست من الجاهلية في شيء. وإنما هي منتحلة بعد ظهور الإسلام.
فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثّل حياة الجاهليين .وأكاد أشك في أنّ ما بقي من الأدب الجاهلي. لا يمثل شيئاً ولا يدل على شيء.
ولا ينبغي الاعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلي ».ومضى طه حسين يبسط الأسباب التي تدفع. الباحث إلى الشك في الأدب الجاهلي واتهامه. وردّها إلى أنّه لا يصور حياة الجاهليين الدينيّة والعقلية والسياسيّة والاقتصادية. كما أنه لا يصوّر لغتهم وما كان فيها من اختلاف اللهجات.
وتباينها بلهجاتها من اللغة الحميرية.ويقول الدكتور شوقي ضيف معقبًا: « والحق أنّ الشعر الجاهلي فيه موضوع كثير. غير أنّ ذلك لم يكن غائباً عن القدماء. فقد عرضوه على نقد شديد.
تناولوا به رواته من جهة. وصيغه وألفاظه من جهة ثانية. أو بعبارة أخرى عرضوه على نقد داخلي وخارجي دقيق.ومعنى ذلك أنهم أحاطوه بسياج محكم من التحري والتثبت. فكان ينبغي أن لا يبالغ المحدثون من أمثال مرجليوث وطه حسين في الشك فيه مبالغة تنتهي إلى رفضه.
إنّما نشك حقّاً فيما يشك فيه القدماء ونرفضه. أما ما وثقوه ورواه أثباتهم من مثل أبي عمرو بن العلاء والمفضل الضبّي والأصمعي وأبي زيد فحريٌّ أنْ نقبله ما داموا قد. ومع ذلك ينبغي أنْ نخضعه للامتحان وأنْ نرفض بعض ما رووه على أسس علميّة منهجية لا لمجرّد الظن.
كأنْ يُرْوَى لشاعر شعرٌ لا يتصل بظروفه التاريخية. أو تجري فيه أسماء مواضع بعيدة عن موطن قبيلته.
أو يضاف إليه شعر إسلامي النزعة. ونحو ذلك مما يجعلنا نلمس الوضع لمسًا ».وبنظرة الباحث المدقق فإننا: لو قارنّا بين ما أثاره طه حسين وبعض المستشرقين أمثال.
مرجليوث ونولدكه ؛ لوجدنا أنّ هناك تقارباً بل اتفاقاً ملحوظاً ؛ وهذا مما يؤكّد لنا أنّ كلام طه حسين هو كلام هؤلاء. المستشرقين إنْ لم يكن قد تشبع به بفضل دراسته على أيديهم وتتلمذه على كتبهم وأبحاثهم فضلاً عن ترجمته لكلامهم ونقله إلينا.
بلسانه العربيّ المبين؟!وترجع خطورة الأمر: أنّ هؤلاء المستشرقين وأذنابهم حين أثاروا هذه القضيّة كانوا يرمون إلى مرمى خبيث. ؛ حيث عرفوا مكانة الشعر الجاهلي.
وأدركوا أنّ علماء المسلمين منذ الصدر الأول للإسلام قد شعروا بحاجتهم إلى الشعر العربيّ ؛ للاستعانة به في فتح مغاليق. الألفاظ والأساليب الغريبة الموجودة في القرآن الكريم. والأحاديث النبوية الشريفة ؛ فأكبوا عليه يروونه ويحفظونه ويدرسون أساليبه ومعانيه وما يدور فيه من ذكر لأيام العرب.
والصحابة والتابعين والأئمة الماضين ؛ لبطل الشعر
وانقرض ذكر الشعراء ولعضَّ الدهر على آثارهم. ونسي الناس أيامهم » ومن أقوال ترجمان القرآن سيدنا عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما – : « إذا سألتموني عن غريب القرآن.
فالتمسوه في الشعر ؛ فإن الشعر ديوان العرب ».من كل ماسبق ؛ أدرك المستشرقون هذه الحقيقة ؛ فعملوا على رفضه ؛ حتى يغلقوا. علينا باباً من أهم الأبواب لفهم القرآن العظيم.
عندما تثار قضية انتحال الشعر الحاهلي في قاعات الدرس الجامعي نتناول مفهوم الانتحال وسبب وقوعه في الشعر الجاهلي وموقف. الباحثين العرب والنستشرقين منها.
وذلك على النهج الآتي:١،الانتحال لغة؛جاء في معجم لسان العرب لابن منظور: »نَحَله القولَ يَنْحَله نَحْلاً : نَسَبه إِليه. ونَحَلْتُه القولَ أَنْحَلُه نَحْلاً بالفتح: إِذا أَضَفْت إِليه قولاً قاله غيره وادّعيتَه عليه. وفلان يَنْتَحِلُ مذهبَ كذا وقبيلةَ كذا: إِذا انتسب إِليه. ويقال: نُحِل الشاعرُ قصيدة إِذا نُسِبَت إِليه وهي من قِيلِ غيره …وقال ابن هَرْمة :ولم أَتَنَحَّلِ الأَشعارَ فيهاولم.
تُعْجِزْنيَ المِدَحُ الجِيادُوقال الأَعشى في الانتحال:فكيْفَ أَنا وانتِحالي القَوا فِيَبَعدَ المَشِيب كفَى ذاك. عاراوقَيَّدَني الشِّعْرُ في بيتِهكما قَيَّد الأُسُراتُ الحِمارا٢ الانتحال اصطلاحا:و(الانتحال) مصطلح أدبي يقصد به تعمد. نسبة الإبداع الأدبي إلى غير قائله.
افتراء واختلاقا!وهو عكس السرقة التي هي أخذ إبداع الغير وادعاء امتلاكه. فالمنتحل يبدع النص ولا ينسبه إلى نفسه بل إلى غيره لهدف خاص به!أما السارق فيسطو على إبداع الغير وينسبه إلى نفسه بقصد. التزيد والمباهاة!وقد ميز باحث آخر بين ثلاثة مصطلحات.
وهي : النحل والانتحال والوضع فالوضع لديه » هو أن ينظم الرجل الشعر ثم ينسبه إلى غيره لأسباب ودواع. والانتحال هو ادعـاء شـعر الغير.. والنحل أن ينسب الرجل شـعر شـاعر إلى شاعر آخر« . »ويمكننا إيجاز مفهوم الانتحال بأنه نسبة الشعر لغير قائله.
سواء أكان ذلك بنسبة شعـر رجل إلى آخـر. أم أن يدعي الرجل شعر غيره لنفسه. أم أن ينظم شعراً وينسبه لشخص شاعر أو غير شاعر.
- سواء أكان له وجود تاريخي أم ليس له وجود تاريخي » .ويكاد يجمع الدارسون على أن( الانتحال) ظاهرة أدبية عامة.
- لا تقتصر علي أمة دون غيرها من الأمم.
- ولا يختص بها جيل من الناس دون غيره من الأجيال؛ فقد عرفها العرب كما عرفتها الأمم الأخرى التي كان لها نتاج أدبي.
- وعرفها العصر الجاهلي كما عرفها العصر الأموي والعصر العباسي.
- بل لا يزال يعرفها عصرنا الحاضر الذي نحيا فيه مع شيوع الكتابة وانتشار الطباعة.
- ولا أدل على ذلك من مثل ما شاهدناه من نسبة شعر شاعر معاصر إلى الإمام الشافعي في مسلسل تليفزيوني بعنوان( رسالة.
- الإمام)!.ولم يكن الوضع والانتحال مقصوراً علي الشعر وحده بل شمل كل ما يرتبط بالأدب كالنسب والأخبار وحتي بدأ الكذب.
- والانتحال في الحديث النبوي في حياة رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم ويدل علي ذلك قول النبي صلي الله عليه و آله وسلم :.
تعني إثارة إشكالية خطيرة. مؤداها الإجابة عن هذا الأسئلة الشائكة: كيف وصل إلينا الشعر الجاهلي. وهل كل ما وصل إلينا من الشعر الجاهلي صحيح أو تطرق اليه الوضع والانتحال.
وما درجة الشك في الشعر الجاهلي. وما سبب أو أسباب هذا الشك.
وما الآثار المترتبة عليه. وما قيمة الشعر الجاهلي بالنسبة إلى الأمة العربية والمسلمة؟!إن الشعر الجاهلي ذو قيمة عظيمة عربيا وإسلاميا.
وذلك للآتي:- أنه مصدر فهم مفردات وتعابير القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.- أنه أساس استنباط القواعد في علوم. العربية الرئيس من نحو وصرف وبلاغة وعروض ومعاجم…- أنه سبب رئيس لتبين إعجاز القرآن الكريم.
فهو لسانها المنافح عنها أمام القبائل
وأبيات شعره يكون وقعها أشد من السيف على شرف المرء ومروءته .- يقرّر هذه الحقيقة أبو حاتم الرازي ؛ فيقول: « ولولا ما. بالناس من حاجة إلى معرفة لغة العرب. والاستعانة بالشعر على العلم بغريب القرآن. وأحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
- وانقرض ذكر الشعراء ولعضَّ الدهر على آثارهم.
- ونسي الناس أيامهم » .ويقول ابن عباس – رضي الله عنه – : « إذا سألتموني عن غريب القرآن.
- فالتمسوه في الشعر ؛ فإن الشعر ديوان العرب » .وإذا أدركنا هذه القيم المتنوعة للشعر الجاهلي عرفنا خطورة تعميم القول بالشك.
- وبأنه كله منتحل مكذوب موضوع.
- لم يقله الجاهليون ولم يصور حيواتهم المختلفة من سياسية واجتماعية وفكرية ودينية ولغوية!هنا ؛ أدرك المستشرقون هذه الحقيقة.
- ؛ فعملوا على رفضه ؛ حتى يغلقوا علينا باباً من أهم الأبواب لفهم كتاب الله المجيد !٤ انتحال الشعر الجاهلي عند العرب.
- الأقدمين :——————ثبت أن العرب لم يدوّنوا معظم شعرهم في الجاهلية في ديوان أو سفر وإنما كان محفوظاً في الصدور.
- تعيه حافظتهم وقلوبهم وأذواقهم وملكاتهم الأدبية الفطرية.
وأصيب الشعر الجاهلي مع الضياع بالافتراء والاختلاق عليه من قبل بعض الرواة لأسباب كثيرة. وحمل ذلك النقاد القدامي علي نقد الرواة. وتجريح الوضاعين والتنبيه علي الشعر المنحول ومنهم:- أبو عمرو بن العلاء(ت١٥٤) بعد ان ذكر أبياتاً من ذي الاصبع العدواني. نصّ علي انه لا يصح من أبيات ذي الاصبع الا الأبيات التي انشدها.
وأن سائرها منحول.- المفضل الضبي (ت١٦٨)الذي نقد حماد الراوية وبين أكاذيبه.-الأصمعي (ت ٢١٦)حين نقد خلف الأحمر.- ويأتي بعد. هؤلاءأبو الفرج الاصفهاني(ت٣٥٦) في رفضه روايات ابن الكلبي (ت ٣٠٤)عن دريد بن الصمة وبعض اشعاره.
فقد تنبّه الي أنها مكذوبة ملفقة من قبل ابن الكلبي نفسه.- وتأتي الدراسة المعمقة لقضية انتحال الشعر الجاهلي عند الناقد. الأدبي الرائد محمد بن سلام الجمحي(ت٢٣١)؛ فهو أوّل من أثار في إسهاب مشكلة الانتحال في الشعر الجاهلي في كتابه : « طبقات. وقد ردّها إلى عاملين : عامل القبائل التي كانت تتزيّد في شعرها لتتزيد في مناقبها.
وعامل الرواة الوضاعين وقد دوّن في كتابه (طبقات الشعراء) كثيراً من ملاحظات أهل العلم والدراية في رواية الشعر القديم. واضاف الي ذلك كثيراً من ملاحظاته الشخصية.يقول ابن سلام: « لما راجعت العرب رواية الشعر وذكر أيامها ومآثرها استقلّ بعض. العشائر شعر شعرائهم وما ذهب من ذكر وقائعهم.
وكان قوم قلّت وقائعهم وأشعارهم وأرادوا أنْ يلحقوا بمن له الوقائع والأشعار. فقالوا على ألسن شعرائهم. ثم كانت الرواة بعدُ فزادوا في الأشعار ». وأشار ابن سلام مراراً الي ما زادته القبائل في شعر شعرائهم كما يقدم لنا طائفتين من الرواة كانتا ترويان منتحلاً كثيراً.
طائفة كانت تحسن نظم الشعر وصوغه وتضيف ما تنظمه وتصوغه الي الجاهليين. ومثل لها بحمّاد وطائفة لم تكن تحسن النظم ولا الاحتذاء علي أمثلة الشعر الجاهلي ولكنها كانت تحمل كل غثاء منه وكل زيف.
وهم رواة الأخبار والسير والقصص من مثل ابن اسحاق راوي السيرة النبوية. ورفض ابن سلام والأصمعي وأضرابهما رواية الطائفتين جميعاً فلم يقبلوا شيئاً مما يرويه أشباه حماد الا أن يأتيهم من مصادر. وكذلك لم يقبلوا شيئاً مما يرويه ابن إسحاق لا أن يجدوه عند رواة أثبات.٥ مجمل رأي العرب القدامىليس كل الشعر الجاهلي.
وليس كله صحيح النسبة إليه. بل فيه منتحل وفيه ثابت النسبة صحيحها.
وفي هذا الصحيح تعبير عن حيوات الجاهليين ولغتهم. وهؤلاء الرواة الثقاة الأثبات حين جرحوا الرواة المتهمين وكذبوا الوضاعين وبيّنوا الشعر الفاسد المصنوع. وثقوا من ناحية ثانية الشعر الصحيح وعدلوا الرواة الثقاة وشهدوا لهم بالدقة والامانة والعلم.
فابن سلام مثلاً حينما فتح الطريق أمام النقاد لجرح الرواة ورد المنحول ومعرفة الحق من الباطل.
- فإنه كذلك حذر الباحثين ونبّههم إلي أن: (ما اتفقوا عليه.
- فليس لأحد ان يخرج منه).ويمثل الرواة الثقاة في أبي عمرو بن العلاء.
- والمفضل الضبي والأصمعي وأبوزيد الأنصاري وابن الأعرابي وثعلب والخليل …وغيرهمويمثل الرواة المنتحلين خلف الأحمر.
- وحماد الراوية وابن الكلبي وابن إسحاق وأبوزيد القرشي!٦المستشرقون وانتحال الشعر الجاهلي :—————أثيرت هذه القضية.
- في العصر الحديث عن طريق المستشرقين في كتبهم ومقالاتهم المتعددة.
- وأول من تناول قضية الانتحال من المستشرقين هو المستشرق( نولدكه )سنة 1864م.
- وبعد ثماني سنين تطرق للموضوع المستشرق( ألوارد )في مقدمة دواوين الشعراء الستة الجاهليين منتهيا إلى أن عدداً قليلاً من.
- قصائد هؤلاء الشعراء يمكن التسليم بصحته.
ومنهم( موير) و(باسيه) و(بروكلمان)
وغيرهم.وكان( مرجليوث) أكبر من أثار هذه القضية في كتاباته حيث ذهب الي رفض الشعر الجاهلي جملة في مقالة بعنوان (اصول الشعر. العربي) نشرها في مجلة الجمعية الملكية الآسيوية عدد يوليو سنة 1925م. وقد بني رأيه هذا علي ضربين من الأدلة: أدلة خارجية وأدلة داخلية.
على النهج الآتي:الأدلة الخارجية :1 استهل مرجليوث مقالته بالحديث عن وجود الشعر في الجاهلية وموقف القرآن الكريم من الشعر. متحدثاً عن بدء ظهوره ونشأته وآراء القدماء في ذلك.2 ثم ينتقل الي الحديث عن حفظ هذا الشعر الجاهلي.
وينفي أن تكون الرواية الشفوية هي التي حفظته ليقول إنه لم تكن هناك وسيلة لحفظه سوى الكتابة. ثم يعود فينفي كتابته في الجاهلية ليؤكد أنه نظم في مرحلة زمنية تالية للقرآن الكريم.3 ثم يتطرق بعد ذلك إلي الحديث عن.
الرواة من علماء القرنين الثاني والثالث الهجريين
فيذكر حمّاداً وجناداً وخلفاً الأحمر وأبا عمرو بن العلاء. والاصمعي وابا عمرو الشيباني وأبا اسحاق والمبرد. ثم أضاف الي ذلك آراء هؤلاء الرواة العلماء بعضهم في بعض فقال: إن هؤلاء العلماء لم يكن يوثق بعضهم بعضاً.
وقال ذلك ليزعم أن الوضع في هذا الشعر كان مستمراً.الأدلة الداخلية :1 يقول مرجليوث: إن ما في هذا الشعر الجاهلي لا يمثل. الجاهليين الوثنيين ولا من تنصروا منهم. فأصحابه مسلمون لا يعرفون التثليث المسيحي ولا الآهلة المتعددة. إنما يعرفون التوحيد والقصص القرآني وما فيه من كلمات دينية إسلامية مثل الحياة الدنيا.
ويوم القيامة والحساب وبعض صفات اللّه .2 وينتقل من ذلك إلي اللغة فيلاحظ أنها لغة ذات وحدة ظاهرة وهي نفس لغة القرآن.
الكريم التي اشاعها في العرب. ويقول: ولو أن هذا الشعر كان صحيحاً لمثل لنا لهجات القبائل المتعددة في الجاهلية. كما مثل لنا الاختلافات بين لغة القبائل الشمالية العدنانية واللغة الحميرية في الجنوب.
ولقد ردّ عليه الدكتور شوقي ضيف مدحضاً زعمه. قائلاً : إنّ لغة القرآن الفصحى كانت سائدةً في الجاهلية وأنّ الشعراء منذ فاتحة هذا العصر كانوا ينظمون بها وأنها كانت. وسادت بأسباب دينية واقتصادية وسياسية ؛ فكان الشعراء ينظمون بها متخلين عن لهجاتهم المحلية على نحو ما يصنع شعراء العرب في.
عصرنا على اختلاف لهجات بلدانهم وأقاليمهم.3 ثم ينتقل إلي موضوعات القصائد. ولعله يريد أن يستنتج منه أن اتفاق القصائد الجاهلية في التطرق لموضوعات واحدة بعينها تتكرر في كل قصيدة. أمر يدل علي أنها نظمت بعد نزول القرآن لا قبله.ومن عجب أن نجد باحثين مستشرقين يثبتون صحة الشعر الجاهلي.
- ويتكفلون بالرد على مرجليوث.
- ويتصدون للحديث عن (صحة العشر الجاهلي) وردّوا فيما كتبوا.
- ما ذهب إليه مرجليوث وفنّدوا أدلته وافتراضاته ومنهم (شارلس جيمس ليال) في مقدمة الجزء الثاني من المفضليات.
- و(جور جيوليفي دلا) في مقالته (بلاد العرب قبل الاسلام)…؛ ومن بين مزاعم مرجليوث في هذا الموضوع: أنّ النقوش المكتشفة.
- للممالك الجاهلية المتحضرة وخاصة اليمنية لا تدل على وجود أيّ نشاط شعري فيها.
- فكيف أتيح لبدو غير متحضرين أنْ ينظموا هذا الشعر بينما لم ينظمه من تحضروا من أهل هذه الممالك ؟ودحض بروينلش هذا الدليل ؛.
- لأنّ نظم الشعر لا يرتبط بالحضارة ولا بالثقافة والظروف الاجتماعية.
- وهناك فطريون أو بدائيون لهم شعر كثير مثل الإسكيمو…٧ موقف العرب المحدثين من القضية——————-إذا تركنا.
الجاهلي عرضاً مفصّلاً في كتابه : « تاريخ آداب العرب » الذي نشره في سنة 1911م. ولكنه لا يتجاوز في عرضه -. غالباً سرد ما لاحظه القدماء .حيث دار الرافعي مع القدماء من العرب وروي ما قاله القدماء وتابع ابن سلام في آرائه دون غلو او شطط ولم يجعل من الخبر الواحد قاعدة عامة ولا من الحالات الفردية نظرية شاملة.وخلف مصطفى صادق الرافعي الدكتور طه حسين فدرس القضيّة دراسة مستفيضة في كتابه : « في الشعر الجاهلي » الذي أحدث به رجّة عنيفة أثارت كثيرين من المحافظين والباحثين فتصدوا للردّ عليه لما فيه من آراء جريئة يتعرض بعضها للدين.
ثم حذف منه وزاد فيه ووسعه فأصدره سنة 1927م بعنوان (في الأدب الجاهلي) وقد اخذ طه حسين اكثر مادته من روايات ابن سلام. واستنتاجات وآراء مرجليوث.وقد قسم طه حسين بحثه الي ثلاثة اقسام: الدوافع والأسباب التي تدفع الباحث الي الشك في الشعر.
وأسباب الوضع والانتحال في الشعر الجاهلي. ثم درس فريقاً من الشعراء وشك في نسبة الشعر اليهم.ونتيجة بحثه في هذا الكتاب يلخصها بقوله: « إنّ الكثرة المطلقة ممّا نسميه. أدباً جاهليّاً ليست من الجاهلية في شيء.
فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثّل حياة الجاهليين. وأكاد أشك في أنّ ما بقي من الأدب الجاهلي الصحيح قليل جدّاً.
لا يمثل شيئاً ولا يدل على شيء. ولا ينبغي الاعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلي ». ومضى طه حسين يبسط الأسباب التي تدفع الباحث إلى الشك في الأدب الجاهلي واتهامه. وردّها إلى أنّه لا يصور حياة الجاهليين الدينيّة والعقلية والسياسيّة والاقتصادية.
كما أنه لا يصوّر لغتهم وما كان فيها من اختلاف اللهجات. وتباينها بلهجاتها من اللغة الحميرية. وكذا إلى الأسباب الآتية:1 -.
لانه لما كثر القصاصون وأهل الاخبار
اضطروا ان ينحلوا الشعر لما يلفقونه من الأساطير.5 -الاتساع في الرواية. كان الرواة يتسعون في رواياتهم بسبب السباق بينهم فكانوا يضعون علي فحول الشعراء قصائد لم يقولوها.
ويزيدون في قصائدهم.دوافع الشك عند طه حسين :تحدث طه حسين عن دوافع شكه وقال: (فهذا الأدب الذي رأينا أنه لا يمثل الحياة. الدينية والعقلية والسياسية والاقتصادية للعرب الجاهليين.
بعيد كل البعد عن أن يمثل اللغة العربية في العصر الذي يزعم الرواة أنه قيل فيه).وتتمثل دوافع الشك عنده في الآتي:1 الحياة. الدينية: فرأي ان هذا الشعر الذي يضاف الي الجاهليين يظهر لنا حياة غامضة جافة بريئة او كالبريئة من الشعور الديني القوي.
والعاطفة الدينية المتسلطة علي النفس والمسيطرة علي الحياة العملية. واما القرآن فيمثل لنا حياة دينية قوية تدعو اهلها الي ان يجادلوا عنها ما وسعهم الجدال.2 الحياة العقلية: الشعر الجاهلي.
يمثل العرب الجاهليين بالجهل والغباوة والغلظة والخشونة بينما يمثلهم القرآن اصحاب علم وذكاء واصحاب عواطف رقيقة وعيش فيه. لين ونعمة.3 الحياة السياسية: ويقول ان حياتهم السياسية لا تتضح في شعرهم الجاهلي مع انهم كانوا علي اتصال بمن حولهم من. الأمم مما يوضحه القرآن الكريم في سورة الروم. اذ يعرض علينا العرب شيعتين.
شيعة تنتصر للروم وشيعة تنتصر للفرس.4 الحياة الاقتصادية: يقول: ان الشعر الجاهلي لا يتحدث عن حياتهم الاقتصادية بينما. يمثِّل لنا القرآن الكريم العرب طائفتين: طائفة الاغنياء المستأثرين بالثروة.
وطائفة الفقراء المعدمين وكل ما في الشعر الجاهلي هو ان العرب اجواد كرام ولكن القرآن يلحّ في ذم البخل والبخلاء.5 الحياة.
الجزيرة: لغة الحميريين الجنوبية ولغة العدنانيين الشمالية
بل هو يضيف الي الجنوبيين اشعاراً بلغة الشماليين. ثم وقف عند لهجات الشماليين التي تمثلها قراءات القرآن الكريم ولاحظ ان الشعر الجاهلي لا يمثلها.الرد علي أدلة طه حسين. :————1 قياس الشعر الجاهلي في إبراز الحياة الدينية للجاهليين علي القرآن الكريم مردود.
لأن القرآن كتاب ديني يريد ان يجمع العرب علي الاسلام. فطبيعي ان يعرض لدياناتهم ويناقشها بخلاف الشعر.
ولكن مع ذلك فان في كتاب (الاصنام) لابن الكلبي ذخيرة كبيرة من الشعر تصور حياتهم الوثنية علي خلاف ما يزعمه طه حسين.2 ان. جمهور العرب كانوا بدوا ولم يتحولوا الي طور فكري ينتظره طه حسين. وفي الحقيقة نري حياتهم العقلية الفطرية في شعرهم.3 شعر الصعاليك طافح بما يصور النضال بين الاغنياء والفقراء.
وايضاً فإن شعراءهم اذا كانوا قد اكثروا في مدحهم وفخرهم ذكر الكرم. فانهم اكثروا في هجائهم من ذكر البخل وشح النفس.4 أن لغة القرآن الفصحي كانت سائدة في الجاهلية قبل الاسلام.
وان الشعراء منذ فاتحة هذا العصر كانوا ينظمون بها وأنها كانت لغة قريش السائدة.5 وعلي فرض ان الشعر الذي وصلنا موضوع. فان الوضّاع كانوا يحاكون نماذج سابقة وتقاليد أدبية موروثة قلدوها وحاكوها.
ونفس هذه المحاكاة تدل علي وجود اصل يحاكونه.أسباب الانتحال عند طه حسين :وتحدث طه حسين عن أسباب الانتحال وارجعها الي ما. يلي:1 السياسة: ويريد بها العصبية القبلية مثل ما كان بين قريش والانصار من عداء وما كان بين القبائل من احقاد قديمة.
ومع ذلك لم يستشهد بشعر جاهلي بل استشهد بشعر اسلامي قيل بعد الاسلام. وهذا ما اشار اليه ابن سلام كما قلنا سابقاً.2 الدين: وتطرّق الي الشعر الذي قيل قبل البعثة تبشيراً بالنبي صلي الله عليه و. آله وسلم او ما جاء عند المفسرين من ذكر الأمم السابقة. وتشكك فيما اضيف الي شعراء اليهود والنصاري من اشعار وكذلك ما اضيف الي عدي بن زيد العبادي.
وهذا ايضاً ما رفضه ابن سلام ولم يكن القدماء في غفلة عنها.3 القصص: وتحدث عن القصص وما كانوا يضعون من الشعر لتزيين القصص. وقد نبّه ابن سلام علي ذلك عند ابن اسحاق واضرابه.4 الشعوبية: وتحدث عن الخصومة بين العرب والموالي. وان هؤلاء الشعوبيين قد نحلوا اخباراً واشعاراً واضافوها الي الجاهليين والاسلاميين وكذلك فعل خصومهم.
يقول في ذلك: (وكانت الشعوبية تنحل من الشعر ما فيه عيب للعرب وغض منهم وكان خصوم الشعوبية ينحلون من الشعر ما فيه ذود عن. العرب ورفع لأقدارهم).5 الرواة: وتحدث عن فساد مروءة بعض الرواة مثل حماد وخلف الأحمر وأبي عمرو الشيباني وانهم كانوا ينحلون.
وتحدث ايضاً عن طائفة اخري اتخذت الرواية مكسباً وهم الاعراب الذين كان يذهب اليهم رواة الأمصار يسألونهم عن الشعر والغريب. وقد قلنا سابقاً ان القدماء كانوا لهؤلاء الرواة بالمرصاد.ثم تناول في القسم الثالث من كتابه الشك في شعر مجموعة من شعراء.
الجاهلية مثل امرئ القيس. وعلقمة الفحل وعبيد بن الأبرص وعمرو بن قميئة والمهلهل وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة وطرفة والمتلمس والأعشي ثم تحدث عن. الشعر المضري.وفي الحقيقة كان طه حسين يردد ما نص عليه العلماء السابقون من قضايا ويريد ان يتسع لها لنقض الشعر الجاهلي.
جميعه وهي انما تنقض جوانب منه. وينبغي ان نقف عندها ولا نذهب مذهب التعميم. لان الشعر الجاهلي مع أنه فيه موضوع كثير. غير ان ذلك لم يكن غائباً عن القدماء.
فقد عرضوه علي نقد داخلي وخارجي دقيق. فكان ينبغي ان لا يبالغ المحدثون من امثال مرجليوث وطه حسين في الشك فيه مبالغة تنتهي الي رفضه. انما شك حقاً فيما تشك فيه القدماء وترفضه. اما ما وثقوه ورواه اثباتهم من مثل أبي عمرو بن العلاء والمفضل الضبي.
والأصمعي وأبي زيد فحري ان نقبله ما داموا قد اجمعوا علي صحته.٨ أثر طه حسين وكتابه (في الشعر الجاهلي)في الحركة النقدية. المعاصرة :—————-وقد أثار كتاب طه حسين هذا الرأي العام الأدبي والديني.
فانبري للرد عليه ومناقشته وتفنيده مجموعة من الكتاب والأدباء. منهم الذي يغلب عليه الحماس والعاطفة.
ومنهم الذي اتبع الاسلوب العلمي المتفرد في المناقشة.
فنشر في الصحف والمجلات الكثير من المقالات والردود والفت كتب في ذلك منها:1 نقد كتاب في الشعر الجاهلي: لمحمد فريد وجدي.2. الشهاب الراصد: لمحمد لطفي جمعة.3 نقض كتاب في الشعر الجاهلي: لمحمد خضر حسين.4 محاضرات في بيان الأخطاء العلمية والتاريخية. التي اشتمل عليه كتاب في الشعر الجاهلي: محمد الخضري.5 النقد التحليلي لكتاب في الادب الجاهلي: محمد احمد الغمراوي.6 فصول في.
كتاب (تحت راية القرآن): لمصطفي صادق الرافعي.يقول الدكتور شوقي ضيف معقباً: « والحق أنّ الشعر الجاهلي فيه موضوع كثير. غير أنّ ذلك لم يكن غائباً عن القدماء.
فقد عرضوه على نقد شديد. تناولوا به رواته من جهة. وصيغه وألفاظه من جهة ثانية. أو بعبارة أخرى عرضوه على نقد داخلي وخارجي دقيق.
ومعنى ذلك أنهم أحاطوه بسياج محكم من التحري والتثبت. فكان ينبغي أن لا يبالغ المحدثون من أمثال مرجليوث وطه حسين في الشك فيه مبالغة تنتهي إلى رفضه. إنّما نشك حقّاً فيما يشك فيه القدماء ونرفضه. أما ما وثقوه ورواه أثباتهم من مثل أبي عمرو بن العلاء والمفضل الضبّي والأصمعي وأبي زيد فحريٌّ أنْ نقبله ما داموا قد.
ومع ذلك ينبغي أنْ نخضعه للامتحان وأنْ نرفض بعض ما رووه على أسس علميّة منهجية لا لمجرّد الظن. كأنْ يُرْوَى لشاعر شعرٌ لا يتصل بظروفه التاريخية. أو تجري فيه أسماء مواضع بعيدة عن موطن قبيلته. أو يضاف إليه شعر إسلامي النزعة.
ونحو ذلك مما يجعلنا نلمس الوضع لمساً » .ونقول نحن : لو قارنّا بين ما أثاره طه حسين وبعض المستشرقين أمثال مرجليوث ونولدكه.
؛ لوجدنا أنّ هناك تقارباً بل اتفاقاً ملحوظاً ؛ وهذا مما يؤكّد لنا أنّ كلام طه حسين هو كلام هؤلاء المستشرقين إنْ لم يكن. قد تشبع به بفضل دراسته على أيديهم وتتلمذه على كتبهم وأبحاثهم فضلاً عن ترجمته لكلامهم ونقله إلينا بلسانه العربيّ المبين.
؟!!وخطورة الأمر: أنّ هؤلاء المستشرقين وأذنابهم حين أثاروا هذه القضيّة كانوا يرمون إلى مرمى خبيث ؛ حيث عرفوا مكانة الشعر. وأدركوا أنّ علماء المسلمين منذ الصدر الأول للإسلام قد شعروا بحاجتهم إلى الشعر العربيّ ؛ للاستعانة به في فتح مغاليق. الألفاظ والأساليب الغريبة الموجودة في القرآن الكريم. والأحاديث النبوية الشريفة ؛ فأكبوا عليه يروونه ويحفظونه ويدرسون أساليبه ومعانيه وما يدور فيه من ذكر لأيام العرب ووقائعهم.
ولولا هذا الباعث الديني ؛ لاندثر الشعر الجاهلي. ولم يصل إلينا منه شيء.
(23)الدين: فكان هذا الانتحال يقصد به في بعض الأطوار الى اثبات صحة النبوة وصدق النبي وكان هذا النوع موجها لعامة الناس.
.القصص: بمعنى كل ما يروى من قصص وأخبار وأشعار التي تتصل بما كان بين العرب والأمم الأجنبية من العلاقات قبل الاسلام. كعلاقتهم بالفرس واليهود والحبشة خليق أن يكون موضوعا وكثرته المطلقة موضوعة من غير شك .الشعوبية: يتحدث طه حسين عن الشعوبية. وعداةتهم للعرب وبان لهم أثرا قويا في انتحال الشعر والأخبار واضافتها الى الجاهليين ولم يقف أمرهم عند هذا بل اضطروا خصومهم.
ومناظريهم الى الانتحال والاسراف فيه .الرواة: مجون الرواة واسرافهم في اللهو والعبث وانصرافهم عن أصول الدين وقواعد الأخلاق. فقد كان حماد زعيم أهل الكوفة وخلف زعيم أهل البصرة وكلاهما برأيه ليس له حظ من دين ولا خلق ولا احتشام .الخاتمةفهذا البحث. على تشعب طرقه وحدة عامة تنتظمه كله. تقرب منه ما تباعد وتجمع ما تفرق ولهذه الوحدة العامة دعائم ترتكز عليها وتقوم بها أولها أن هذا الموضوع كغيره من الموضوعات.
يدور في نطاق اطار معين من الزمان والمكان. فكان لا بد لنا من أن نمهد بين يدي بحثنا بتحديد معالم هذا الاطار.
ومن هنا كان حديثنا في الفصل الاول عن مفهوم الانتحال لغة واصطلاحا وم ثم انتقلنا الى الانتحال عند القدماء أمثال محمد بن. سلام الجمحي ثم نظرية الانتحال عند المحدثين وكان أبرزهم مرجليوت وبعد ذلك تناولنا رأي الرافعي ومن ثم طه حسين وكتابيه في. الشعر الجاهلي وفي الادب الجاهلي وأياب الانتحال والشك في الشعر الجاهلي.وقد أتممت بحثي هذا بعد العودة والرجوع لقائمة طويلة.
من المصادر والمراجع فإن حققت في هذا البحث شيء جديد فأتمنى أن يكون واضح المعالم بارز القسمات في ما قدمت من فصول وأرجو من. الله أن أكون قد وفقت فيه.الباحثد : شادي مجلي سكر……………………قائمة المصادر والمراجع1- محمد الخضر حسين.
نقد الشعر الجاهلي مؤسسة هنداوي للثقافة والتعليم – مصر. الطبعة الأولى – 2012م2- شوقي ضيف.
تاريخ الأدب العربي دار المعارف – القاهرة. ج 2 .3- طه حسين.
في الأدب الجاهلي .4- طه حسين. في الشعر الجاهلي تقديم سامح كريم الدار المصرية اللبنانية 2010 م .5- عبدالمجيد المسلوت.
نظرية الانتحال في الشعر الجاهلي،1984. دار القلم – القاهرة .6- المزرباني.
معجم الشعراء .7- محمد بن سلام الجمحي. طبقات الشعراء 2001 دار الكتب العلمية ج 1 .8- مصطفى بن صادق الرافعي. تاريخ آداب العرب 1940 مطبعة الاستقامة ط 2 .9- محمود شاكر.
طبقات الشعر،دار المعارف – القاهرة. 1997 م .10- ناصر الدين الأسد.
مصادر الشعر الجاهلي 1988 دار الجيل أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة. ط 7 ج 1 .هوامش(1) المزرباني. معجم الشعراء ج 4 ص 55(2) الرافعي تاريخ الأدب ج 1 ص 365(3) ابن سلام. طبقات الشعراء ص 22(4) ابن سلام.
طبقات الشعراء ص 40(5) أبو الفرج الأصفهاني. الأغاني ج 9 ص 222(6) ناصر الدين الأسد.
مصادر الشعر الجاهلي ص 325(7) المرجع نفسه. اقرأ في هذا المقالقضية الانتحال في الشعر الجاهليأسباب الانتحال في الشعر الجاهليالمستشرقين وقضية انتحال الشعر. الجاهليالباحثون العرب وقضية انتحال الشعر الجاهليبحث العلماء والدارسين في قضية أدبية أشغلتهم عبر العصور وهي اختلاف الكلام.
المنظوم ونسبه كذبًا وزورًا للجاهليين. ومن هنا سنوضحه.قضية الانتحال في الشعر الجاهلييُراد بالانتحال فيالأدبالقديم أن الكثير منهُ نُسب للجاهلية كذبًا حيث بحث. القضية الكثير من الباحثين وتوجه النقاد إلى تقسيم الكلام المنظوم المنسوب للقدامى إلى ثلاثة أجزاء:1- القسم الأول: حيث أجمع.
عليه الباحثون والنقاد وأجازوا صحته النقاد وثبوت نسبه إلى قائله.2- القسم الثاني: الجزء الذي تم نفيه من العلماء والنقاد. وذهبوا في رأيهم بأنه موضوع فيه كذب تداوله الأشخاص من كتاب لآخر ولم يستقوا من منابعه الرئيسية من العرب.3- القسم الثالث:.