اليوم لا يسخر هذا من ذاك. بل إننا نرى الشغل المعطوب يتلذذ بضرب شقيقته الحرية وحبسها لتنجح السلطة نجاحا منقطع النظير في اقناع الشغل بأن يكف عن.
التحرك والمطالبة المحرجة وأن يسخّر طاقته تلك في سحل الحرية وجذبها أميالا إلى الخلف تحقيقا للمقولة الشهيرة الأخرى ”الشنقة. مع الجماعة خلاعة“.اليوم نرى ثورة 17 أشبه بالفرقة 17. وهي التسمية التي أطلقت على إحدى أشهر فرق بوليس بن علي تنكيلا بأبناء وبنات أحد أعرق الاحياء الشعبية بتونس العاصمة.
اليوم نرى بوليسا يداهم ويطارد مخلفا الضحايا معيدا الكرة مرات ومرات بعد اطمئنانه إلى حتمية افلاته من العقاب. اليوم نرى الخوف والريبة في كل مكان لكننا نرى الشجاعة كلما رفعت قبضتها وصوتها إلا وغيّر الخوف والارتباك مكانهما.
فالشجاعة على رأي غيفارا ليست غيابا للخوف
- بل السيطرة عليه والتحكم فيه من أجل تحقيق ذلك الشعار المركزي: شغل حرية كرامة وطنية.
- نحيي اليوم ذكرى اندلاع الشرارة التي التهم لهيبها ظلم نظام المافيات البنعليني.
- ظلم لم ينتف برحيل نظام وتعويضه بآخر.
- بل دخل أفخم صالونات التزويق لتجميل قبحه ثم تسلل بيننا فوجد له أبواقا اشتاقته وأخرى استلذت مرارته.
- ظلم تأسلم واطلق العنان للحيته بعد ان كان لعقود بربطة عنق وبدلة غربية غير متناسقة الألوان.
- ظلم نراه اليوم متنام.
تعاظم وتعملق حتى كاد يبتلع البلاد برمتها. تفاصيل ضروبه موزعة بإحكام بين مراكز البوليس وفرق البحث. بين المحاكم والسجون بين كبرى المدن والقرى ساحلية أو مجاورة لحدودنا الغربية والجنوبية.فاليوم من أجل كلمة حق ورأي رفض. البقاء حبيسا للخوف والتوجس تتجند الوظائف في مشهد تكرر حتى الرتابة؛ مجموعات وصفحات روبوتات المريدين تطلق حملات العويل.
الكاذبة الجبانة صوب كل صوت وفعل حر رفض الانبطاح للرداءة والتسلط. لتسارع النيابة العمومية وفرق البحث البوليسي في التقاط المشعل وتكييف هذا العويل الكاذب إلى اتهامات رديئة الحياكة. والتلفيق لكنها كافية لإيقاف النشطاء والمعارضين والزج بهم.ن في السجون.
- تجنبا للعقاب الإداري والحط الوظيفي والنقلة العقابية بعيدا عن العائلة.
- لتعوض مقولة العدل أساس العمران بالجملة الانتهازية ”تبكي أمه ولا تبكي أمي“.قد تعتقد أن مسلسل الظلم ينتهي مع ظلمات السجون.
- لكنه في الحقيقة يغلق فصلا ليفتح آخر قوامه العقاب المزدوج بسوء المعاملة والتنكيل لكسر المعنويات.
- فما إن تشارف العقوبة السجنية على الانتهاء حتى تعود ذات الآلة لاستنباط اتهامات جديدة كافية لتمديد الإقامة بالسجن كما حصل.
- ويحصل مع عدد من المعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين والصحفيين والمعلقين الإعلاميين.وسط هذه الأجواء ”المنعشة“ يعود 17.
- ديسمبر ليذكرنا بأسباب اندلاعه وبالشعار المركزي الذي أطلقته حناجر الغضب واهتزت البلاد لصداه المرعب للاستبداد ”شغل حرية.
- شعار يقتضي توفير الشغل والتمتع بالحرية لتكريس مفهوم الكرامة الوطنية.
شعار ظل لعقد من الزمن يتقدم بسرعات متباينة. فالحرية أطلقت العنان لركابها وابتعدت أميالا عن الشغل الذي رزح مكانه أو بالكاد تقدم خطوة ليسارع في التقهقر خطوات إلى. الوراء.فيبدو ان السلطة حبيبة العدالة والمساواة حز في نفسها أن ترى الحرية متقدمة أميالا عن الشغل في السباق نحو خط الكرامة. فقررت خدمة للمصلحة الوطنية تكبيل أجنحة الحرية حتى يلتحق بها ركب الشغل المتعثر.
إلا ان ركب الشغل أبى التزحزح من مكانه لتلجأ السلطة. بعد ان عجزت عن دفعه. إلى خيار ارجاع الحرية إلى مستوى التشغيل المتدني.
- فهل يعقل ان تنتعش الحرية وشقيقها الشغل مريض مأزوم.
- طبعا لا عدالة السلطة أدرى وأعمق بصيرة؛ فلا مجال في منظورها لحرية تسخر من حالة الشغل المتردية.
- من شعار «شغل. حرية. كرامة وطنية» ..؟«شغل. حرية. كرامة وطنية» هو شعار وحد الشعب التونسي.
- كرامة وطنية.. » شعار لخص فيه التونسيون والتونسيات مطالبهم الأساسية التي من أجلها انتفضوا وثاروا وطالبوا بتغيير النظام السياسي وخرجوا منذ 13 عاما مضت ذات 14 جانفي 2011 بالآلاف إلى الشوارع .لم تنطفئ شعلة المطلبية على امتداد كل هذه السنوات وسجلت مختلف ولايات الجمهورية موجات عالية من الاحتجاجات الاجتماعية.
- تصاعدت ثم تراجعت ولم تخرج في مجملها عن فلك شعار الثورة المطالب بالحرية وبالشغل والحياة الكريمة.
- وطالبت بالحق في الصحة وتحسين وضعية المؤسسات الاستشفائية وبالحق في ماء صالح للشراب وبفك العزلة وبتحسين البنية التحتية.
- وبالحق في النقل العمومي وبتطوير الخدمات الإدارية وبمؤسسات تربوية دون شغورات.
فماذا حقق التونسيون من مطالب ثورتهم. وماذا بقي لهم من شعارهم الأساسي؟واقع حريات مهدد ..سنوات ما بعد ثورة عايش التونسيون والتونسيات خلالها. حالة انفتاح هامة تقدمت خلالها تونس بأكثر من سبعين نقطة في ترتيب حريات الصحافة والتعبير حسب تقرير منظمة « مراسلون بلا. فبعد أن كانت تونس تستقر في الجزء الأحمر المنتهك لحرية الصحافة والتعبير في العالم.
وتحتل المرتبة 164 من بين 180 دولة سنة 2010. « شغل حرية كرامة وطنية » تجاوز عمره مدة حكم بن علي. من التاريخ إلى المستقبلبحلول نهاية هذه السنة الوشيك وبداية سنة 2022 يكون شعار « شغل حرية كرامة وطنية » التاريخي قد تجاوز.
عمر حقبة كاملة من حكم تونس وهي حقبة حكم بن علي باعتبار ان هذا الشعار موثق الولادة قد خرج إلى الحياة في كلية العلوم. الانسانية والاجتماعية أو كلية 9 أفريل سنة 1998 يعني انه قد عاش 13 سنة مع بن علي و10 سنوات مع حكم النهضة وورثة بن علي. وها هو يوشك الآن على الاقتراب من نصف قرن بلا جدوى واضحة في انتظار التعديلات الدستورية المقبلة والسياسات العمومية.
الاقتصادية والاجتماعية المقبلة ومفاعيل ثورة العدالة الجارية حاليا. لعلها تعدل ما سمي سنة 2011 « ثورة الحرية والكرامة » بشكل غير دقيق ومبالغ فيه.إن موجة ثالثة من المطالبات الشعبية. موجة ما بعد 25 جويلية 2021 آتية لا محالة بعد موجة ما بعد سنة 2000 بشتى عناوينها ومحطاتها وفي عدة مناطق وقطاعات وموجة ما.
بعد سنة 2010 والتي لم تؤسس لأي عدالة وخصوصا في قضية التشغيل.
ولابد من الاستعداد لتنظيم الأجوبة العملية عنها والتخطيط والتنفيذ تدريجيا للتقدم على سبيل إنقاذ غالبية المعطلين من. الهلاك بشتى الطرق وكل القوى. ودون ذلك لا تقدم مطلقا يعتد به.وعلى ذلك فإن الحالة العامة الراهنة.
حالة الانتظار لن تخذل الانتصار على ما نتوقع وإنما هو انتظار سيفرج عن الانفراجة المنظمة ذات الملامح والأهداف خلافا لما. يعتقده بعض المتشائمين من ناحية وبعض الحاقدين من ناحية أخرى.